ثمة مجموعة من المفاهيم داخل السوق العقاري، ومنها مفهوم الفقاعة العقارية، فعلى ماذا ينطوي وما الأسباب؟ وهل يصاحب الأمر أحياناً انفجار سعري يؤدي إلى خمول السوق؟ هذا ما سوف نعرفه في هذا المقال.
ما هي الفقاعة العقارية؟
يشمل مفهوم الفقاعة العقارية، مثل ما يحدث من زيادة حادة في سعر أي منتج أو خدمة، ليبدأ الأمر عمومًا بقفزة في الطلب وكمية محدودة من السلعة.
وينمو الطلب مع قفز المزيد من المشترين إلى السوق ليظهر المضاربون في محاولة لاقتناص العقارات الاستثمارية. وفي ظل العرض المحدود والكثير من الطلب الجديد، لا بد من ارتفاع الأسعار.
وفي النهاية ترتفع الأسعار إلى مستوى لا يمكن احتماله لتصبح أسعار المنازل في غير في متناول المشتري العادي أو المشتري فوق المتوسط في تلك المنطقة.
والفقاعة بشكل عام هي حدث مؤقت، فعند الحديث عن سوق الأوراق المالية، يحدث هذا الأمر ثم ينفجر، ولكن يمكن أن تستمر الفقاعة العقارية لعدة سنوات.
ثمة مجموعة من العوامل الخارجية التي تؤدي إلى تدمير سوق الإسكان، مثل الزيادة في معدلات الرهن العقاري، كما يؤدي الانكماش الاقتصادي إلى ارتفاع معدلات البطالة، ومن ثم عدم القدرة على شراء أو استثمار العقار.
مثال على الفقاعة العقارية – أميركا
كانت فقاعة الإسكان الأمريكية التي حدثت في منتصف العقد الأول من القرن الحادي والعشرين نتيجة جزئية لفقاعة أخرى في القطاع التقني. وكان لذلك ارتباط مباشر بالأزمة المالية 2007-2008 ليعتبر البعض سبب الأزمة وجود فقاعة عقارية وأزمات داخل الشركات التقنية.
وعرضت العديد من شركات التقنية الجديدة أسهمها العامة بأسعار مرتفعة في فترة قصيرة نسبيًا خلال فقاعة الدوت كوم في أواخر التسعينيات. ومن ثم التعرض إلى المزايدة على رؤوس أموال سوقية كبيرة من قبل المضاربين الذين يحاولون تحقيق ربح سريع.
وبلغ مؤشر ناسداك ذروته بحلول عام 2000، وانهارت العديد من هذه الأسهم التي كانت تحلق على ارتفاع عالٍ سابق إلى مستويات أسعار منخفضة إلى حد بعيد مع انفجار الفقاعة التقنية.
ونقل المستثمرون أموالهم إلى العقارات في تخلي عن سوق الأوراق المالية إبان انفجار فقاعة الدوت كوم وانهيار سوق الأسهم. وفي نفس الوقت خفّض البنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي أسعار الفائدة لمكافحة الركود المعتدل الذي أعقب انهيار شركات التقنية.
وقد قوبل هذا الفيضان من الأموال والائتمان بسياسات حكومية مختلفة مصممة لتشجيع ملكية المنازل ومجموعة من ابتكارات السوق المالية التي أدت إلى زيادة سيولة الأصول المرتبطة بالعقارات. وارتفعت أسعار المنازل، وبدأ المزيد من الناس في شراء وبيع المنازل.
وازداد الهوس بملكية المنازل إلى مستويات مرتفعة مع انخفاض أسعار الفائدة على مدى السنوات الست التالية. وتم التخلي عن متطلبات الإقراض الصارمة. وتشير التقديرات إلى أن 20% من القروض العقارية في عامي 2005 و2006 ذهبت إلى أشخاص لم يكونوا قادرين على التأهل لمتطلبات الإقراض العادية. ليُطلق على هؤلاء الأشخاص اسم المقترضين للرهن العقاري.
حيث إن أكثر من 75% من قروض الرهن العقاري عالية المخاطر كانت رهونًا عقارية بمعدل فائدة قابل للتعديل بمعدلات أولية منخفضة وإعادة تعيين مجدولة بعد عامين إلى ثلاثة أعوام، إلى أن ارتفعت معدلات التخلف عن السداد.
وكان تشجيع الحكومة لملكية المساكن سبباً في دفع البنوك إلى خفض أسعار الفائدة ومتطلبات الإقراض. وأدى هذا إلى ارتفاع في شراء المساكن، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع متوسط سعر بيع المساكن بنسبة 55% في الفترة من عام 2000 إلى عام 2007.
اجتذب شراء المنازل المضاربين الذين بدأوا في تحقيق أرباح بعشرات الآلاف من الدولارات في أقل من أسبوعين.
وبالتالي بدأ سوق الأوراق المالية في الانتعاش خلال نفس الوقت، وبدأت أسعار الفائدة في الارتفاع بحلول عام 2006.
كما بدأت معدلات الرهن العقاري القابلة للتعديل في إعادة ضبطها بمعدلات أعلى في عام 2007 مع ظهور علامات على تباطؤ الاقتصاد. وكانت المخاطر مرتفعة بالنسبة للمستثمرين، حيث كانت أسعار المساكن تتأرجح عند مستويات مرتفعة، ثم توقفوا عن شراء المنازل.
إلى أن بدأت أسعار المساكن في الانخفاض عندما أصبح من الواضح لمشتري المنازل أن قيمة المساكن يمكن أن تنخفض. وأدى هذا إلى حدوث عمليات بيع واسعة النطاق في الأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري. لتنخفض أسعار المساكن بنسبة 19% في الفترة من 2007 إلى 2009.
مدن أخرى عانت وجود الفقاعة العقارية
لم تشهد أميركا وحدها وجود فقاعة عقارية وأزمة في الإسكان، فقد عانت دول أخرى من دول العالم من حدوث هذا الأمر ومنها:
1- تورونتو – كندا
تضاعفت مستويات أسعار المنازل في تورونتو أكثر من ثلاثة أضعاف خلال السنوات الخمس والعشرين الماضية، كما ارتفعت أسعار المنازل بنسبة 17% عما كانت عليه قبل عام. ومع القدرة على تحمل تكاليف السكن، فإن الزيادات الأخيرة في أسعار الفائدة من قبل بنك كندا، قد ساهمت بقوة في وجود فقاعة عقارية داخل منازل المدينة.
2- فرانكفورت – ألمانيا
ارتفعت أسعار العقارات بنسبة 5% فقط بين منتصف عام 2021 ومنتصف عام 2022، ولكن هذا لا يخفي الارتفاع الحاد، حيث لا تزال أسعار المساكن أعلى بأكثر من 60% من مستوياتها قبل خمس سنوات، مما يجعلها في منطقة خطر الفقاعة.
3- هونج كونج – الصين
بحسب الدراسات سيستغرق العامل 24 عامًا لشراء شقة مساحتها 650 قدمًا مربعًا بالقرب من وسط مدينة هونج كونج، وهي فترة أطول من أي مدينة أخرى في هذه القائمة.
4- أمستردام – هولندا
شهد سوق الإسكان في أمستردام أقوى نمو في الأسعار بين مدن منطقة اليورو التي حُللت. وارتفعت الأسعار بنسبة 17% بين منتصف عام 2021 ومنتصف عام 2022 بالقيمة الاسمية، مما يجعلها عرضة لخطر الفقاعة.
5- طوكيو – اليابان
ارتفعت أسعار العقارات في طوكيو بشكل شبه مستمر لأكثر من عقدين من الزمن – حتى في أثناء الوباء – مدعومة بظروف التمويل الجذابة والنمو السكاني. وخلال هذه الفترة، بلغت اختلالات التوازن عتبة “خطر الفقاعة” بعد أن كانت “مقيمة بأقل من قيمتها الحقيقية” قبل عشرين عاما.
6- ستوكهولم – السويد
ساهمت السياسة النقدية المتشددة التي اتبعتها الدولة في جعل العديد من المشترين غير قادرين على التأهل للحصول على القروض العقارية، مما أدى إلى انخفاض الأسعار في ستوكهولم بأكثر من 10% في الربع الثاني من عام 2022، مما أدى إلى محو جميع المكاسب التي تحققت منذ صيف 2021. وأدى ذلك إلى دفع ستوكهولم من منطقة “خطر الفقاعة” إلى منطقة “المبالغة في تقدير قيمتها”.
لماذا تنفجر الفقاعة العقارية؟
تنفجر الفقاعة العقارية نتيجة كبر حجم المجازفة، فلا تعود الأسعار تعكس أي شيء قريب من الأساسيات.
وفي سوق الإسكان، يحدث هذا الأمر عندما يستمر البناء استجابة للطلب الذي بدأ في التراجع. بمعنى آخر، يقل الطلب بينما يزداد العرض، لتصبح النتيجة تباطؤ المبيعات وانخفاض ارتفاع الأسعار.
ولا يكون هذا الأمر هو النهاية، فمع تباطؤ المبيعات وتوقف الأسعار عن الارتفاع، تتردد المخاطر في السوق ومدى تأثير ذلك على الاقتصاد.
وتؤدي الزيادة في أسعار الفائدة إلى جعل ملكية المنازل بعيدة عن متناول المزيد من المشترين، وفي بعض الحالات، تسبب ضائقة مالية لأصحاب المنازل الحاليين. كما يؤدي هذا غالبًا إلى التخلف عن السداد وحبس الرهن، وهو ما يؤدي في نهاية المطاف إلى زيادة العرض من المنازل المتاحة.
ويؤدي التراجع في النشاط الاقتصادي العام إلى انخفاض الدخل المتاح، وفقدان الوظائف، وقلة فرص العمل، مما يقلل الطلب على الإسكان، من ثم حدوث الركود الاقتصادي.
ومع تغير مزاج السوق والانتهاء من تلك الأزمة، تُشدّد معايير الائتمان، وينخفض الطلب، ويزيد العرض، ويغادر المضاربون السوق، لتبدأ الأسعار في الانخفاض.
ما مفهوم المضاربة العقارية؟
يشتري المضارب العقارات؛ لأن لديه سببًا بأن السوق أو بعض العوامل في الاقتصاد ستؤدي إلى زيادة في القيمة، وأحيانًا في فترة قصيرة من الزمن.
والهدف هو بيع العقار ومن ثم جني الربح، وعلى عكس المضارب، يتوقع المستثمر تحقيق المزيد من الأرباح على المدى الطويل بسبب عوامل أخرى غير تقلبات السوق أو بالإضافة إليها.
ما الأسباب الطبيعية للإقبال على الإسكان؟
- ارتفاع النشاط الاقتصادي العام وزيادة الدخل المتاح لدى المستهلكين قد يشجع على ملكية المنازل.
- دخول شريحة ديموغرافية سوق الإسكان.
- انخفاض معدلات الرهن العقاري لتصبح المنازل في متناول الجميع.
- منتجات الرهن العقاري ذات الميزات المبتكرة مثل الدفعات الشهرية الأولية المنخفضة تجعل ملكية المنزل أكثر سهولة.
ماذا تفعل لتجنب الفقاعة العقارية؟
إذا كنت تمتلك منزلاً في منطقة تشهد ارتفاعًا كبيرًا في أسعار المنازل، فسوف تميل إلى البيع. ولكن تذكر مع عدم وجود خطة للانتقال إلى منطقة أقل تكلفة، أو تقليص الحجم، أو الإيجار، فأنت تقفز إلى الفقاعة. حيث التنافس مع باقي مشتري المنازل في سوق ربما يكون متضخمًا.
ما الأسباب التي تؤدي إلى انخفاض أسعار العقارات؟
ثمة العديد من العوامل التي لها تأثير في أسعار المساكن، حيث تؤدي الزيادة في معدلات الرهن العقاري إلى تباطؤ الطلب.
كما توجد مجموعة من العوامل المرتبط بالحي أو المنطقة مثل أن تصبح المدن والأحياء أكثر أو أقل جاذبية بناءً على الظروف الاقتصادية، والتغيرات الضريبية، ومعدلات الجريمة، وجودة الخدمات المحلية.